الساعات البرونزية، مين بدأها أول؟

في عام 1985، قام صانع الساعات أليساندرو بيتاريني، اللي يقف خلف تطوير ساعات بانيراي (Panerai)، بالعمل على ثمانية نماذج أولية: أربعة منها مصنوعة من التيتانيوم، وأربعة من البرونز. في فترة كانت بانيراي لا تزال علامة تجارية صغيرة تُنتج الساعات للبحرية الإيطالية فقط. طبعاً هذه النماذج لم تُقبل، ولم يتم بيع أي منها. رغم ذلك، ظهر أحدُها في مزاد Christie’s عام 2014، وبيع بما يقرب من 300 ألف دولار أمريكي.
إذا نظرنا اليوم إلى المادة من منظور عملي، بنشوف شيء غريب، كيف تتخلى علامة فاخرة عن قوة الفولاذ، وخفة التيتانيوم، وكل المعادن الثمينة للساعات المميّزة، وتتجه إلى البرونز. هذا المقال يكشف ليه أصبح البرونز خيارًا شائعًا لصناعة الساعات، فوائده وأصله في السوق.
لماذا يُستخدم البرونز كخامة لصناعة الساعات؟
البرونز، في أنقى حالاته، هو مزيج من 88٪ نحاس و12٪ قصدير. لكن في أحياناً يكون بصيغ مختلفة، أحياناً تُضاف عناصر أخرى مثل الألومنيوم، السيليكون، النيكل، والمغنيسيوم أو الزنك وحتى الفوسفور، حسب الاستخدام المطلوب أو الشكل النهائي المرغوب.

النحاس وحده معدن لين وسهل التعرّض للخدوش والانبعاجات، لكن عند مزجه بالقصدير، يتحول لسبيكة أقوى بكثير وأكثر متانة. وهذه مو بس نقطة قوية، بل أيضًا مضادة للمغناطيسية ومقاومة للتآكل في مياه البحر بشكل ممتاز. هذا ما جعل البرونز مثالي للاستخدام في البيئات البحرية المالحة، وهو اللي يفسّر استخدامه التاريخي في صناعة مراوح السفن، وخوذ الغوص، والعديد من الأجزاء البحرية.
الباتينا الشهيرة في الساعات البرونزية
الصفة الأبرز التي تميّز البرونز، خاصة في الساعات، هي تفاعله مع الأكسجين. بعد وقت تتكوّن على سطحه طبقة أكسدة من النحاس، تحافظ على صلابة المادة في الداخل، وفي نفس الوقت تُنشئ مظهر أزرق فريد يُعرف باسم الباتينا. (مثل ماحصل في تمثال الحرية).
ورغم أن البرونز يمتاز بالعديد من المزايا كخامة لعلب الساعات، لكن ميزته في عملية تشكّل الباتينا السريعة والمميّزة هي ما يجعل كل ساعة برونزية قطعة فريدة لا تتكرر.

تاريخ الساعات البرونزية
تُعرف فترة الثمانينيات على نطاق واسع بأنها الفترة التي جرى فيها التفكير بالبرونز كمادة محتملة لصناعة علب الساعات. ففي عام 1988، قدّم جيرالد جنتا ساعة Gefica بعلبة من البرونز.
وفي نفس الوقت تقريبًا مع ظهور الـ Gefica، أطلقت شركة Chronoswiss ساعة Régulateur، التي أحدثت ضجة كونها أول ساعة يد تُنتج على نطاق واسع بنظام عرض “المنظم” — حيث تُفصل الساعات والدقائق والثواني في مؤشرات منفصلة. والمفاجأة أن ساعة Chronoswiss Régulateur جت أيضًا بعلبة برونزية.

حتى فترة قريبة كان سوق الساعات الفاخرة هادئ من حيث استخدام البرونز حتى عام 2011، حين فاجأت بانيراي السوق بإطلاق طراز PAM00382 — ساعة غواص بعلبة برونزية قطرها 47 مم. وبذلك صارت بانيراي العلامة الأولى التي جرّبت هذه المادة مبدئيًا عام 1985، وكذلك الأولى التي أحدثت تأثيرًا فعليًا في السوق.
اليوم، تمتلك العديد من العلامات مجموعات كاملة من الساعات البرونزية، ومافي أي مؤشرات على أن هذا التوجه سيتوقف. لأن شركات مثل Tudor و Oris خيار منعش لهواة الجمع اللي يرغبون بامتلاك قطعة تروي قصة مع مرور الوقت، بدلًا من أن تكون مجرد ساعة "مخزنة بأمان" أو قطعة متعددة الاستخدامات بدون هوية شخصية.