كيف تُتقن فن المحادثات القصيرة؟
مو كل العلاقات تُبنى على المجاملات، أحياناً ملاحظة صادقة منك أو مشاركتك لموضوع شخصي يشبهك ينتهي به المطاف بعلاقة مختلفة، علاقة مع شخص يملك أفكار وذكريات كثير يستعد لمشاركتها معك، وأحياناً شخص يشبهك.
تٌتهم الأحاديث القصيرة غالباً بكونها سطحية ومضيعة للوقت، لكنها ممكن تكون مدخل لروابط أعمق، وفرصة لبناء الثقة والتعرف على الآخرين، مثل ما تذكر جورجي نايتنغول - الباحثة في مجال التواصل البشري - تقول: "الفضول الحقيقي يظهر من طريقة سؤالك، ونبرة اهتمامك، ورغبتك في فهم الشخص، مو إنك تسأل لمجرد السؤال".
تخيل الكثير من الذكريات والمواقف وحتى الأفكار والأفلام اللي ماتعرف عنها لأنك تعتقد إنك شخص مو جيّد في الكلام مع الناس.
اعتبرها فرصة
الكثير يشتكون من الأحاديث العابرة لأنهم "يتعثرون" فيها ولا ينتقلون إلى عمق أكبر، تقول نايتنغول: "واحدة من أساسيات الكلام مع الناس هي إنك تعرف إن مافي نقطة نهاية أبداً" ببساطة لأن كثير من العلاقات بدأت بمزحة، أو فرصة عمل جاءت عبر معارف غير متوقعين. الاحتمال قائم دائماً لتطور العلاقة، في نفس الوقت المفروض مانشوف هذه الفرص كمعاملة تجارية بحتة.
في أبحاث أظهرت إن الناس يستمتعون بالكلام مع الغرباء أو المعارف العابرين، وأن هذه التفاعلات القصيرة تُسهم في تعزيز الشعور بالرفاهية عندهم. ورغم أن هذه الأحاديث ممكن يراها البعض على أنها محرجة أحياناً، إلّا أن جيليان ساندستروم - المحاضِرة في علم نفس اللطف بجامعة ساسكس - تشوف الموضوع بشكل مختلف تقول إن معظم الأحاديث العابرة مع الغرباء تكون أسهل مما نتوقع وتمشي بسلاسة في الواقع، وكلما زادت خبرتك فيها، زاد شعورك بالثقة في قدرتك على الكلام مع الناس. وتضيف: "وهذا يكفي لتكون أكثر حضوراً في اللحظة بدلاً من الدخول في حالة من التردد".
وش ممكن تقول؟
الردود النمطية تسيطر على الأحاديث العابرة، التعليق على الجّو أو السؤال "وش تشتغل؟" و"كيف حالك؟" وغالباً الإجابات تكون سطحية بدون أي مجال للتوسع. بدل هالشي، ينصح آدم سمايلي بوسوولسكي - خبير الاندماج في بيئة العمل ومؤلف كتاب الصداقة في عصر الوحدة - بالمبادرة بأسئلة مرتبطة باهتماماتك. يعني ممكن تسأل باريستا المقهى عن مشروبه المفضل مثلاً "هذا يخليني أعرف أفضل محصول قهوة"، أو صديق صديقك في جلسة إذا شاف الموسم الأخير من Invincible.
وإذا تحب تكون مستعد أكثر، يقترح بوسوولسكي يكون عندك قائمة بخمسة أسئلة تقريباً تكون مرتبطة بالوقت الحالي وتشعر بأنها صادقة بالنسبة لك، مع تحديثها كل كم أسبوع. تتضمن شي مثل: هل هذا الشخص كان مسافر؟ أو متى جرب مطعم جديد؟ هذا يعطيك فرصة مشاركة بعض المواقف والاقتراحات، والاستماع في المقابل. ممكن تستبدل السؤال بملاحظة أو تعليق، مثل: "القهوة في المكان هذاك أفضل" أو "أكيد الأكل يستاهل مدامك واقف في الصف".
كلما زاد فضولك حول تجارب الآخر، زاد احتمال استمراره في الكلام معك.
إذا تحب يكون الحديث العابر أكثر عمق، أفضل لو تطور مهاراتك في الاستماع. فإذا كان الشخص يشاركك أنه من مدينة معينة، ممكن تسأله وش أجمل شي فيها، أو تشاركة قصة شخصية عن زيارتك لها. تقول نايتنغول: "كل شيء يشاركه أي شخص معك هو نقطة صغيرة في شبكة كبيرة، مهمتنا أننا نكتشف اللي يخلي هذا الشخص مختلف، مميز وفريد".
الحديث العابر وسيلة مناسبة لتمضية الوقت في بريك غداء أو انتظار، أو مفتاح لفرصة جديدة، وقد يكون مجرد دردشة خفيفة عن جمالية الليل في الرياض، لكنه فرصة لتواصل أعمق مع الناس واكتشاف أفكار جديدة.